نصائح في فهم التواصل التعبيري
سوزان هيثفيلد
هل لديك أدنى شك في ما يقوله لك صديقك؟
هل يجول في خاطرك شيء آخر غير ما ترى عليه زميلك في العمل وقد وصل لتوه إلى المكتب؟
التواصل التعبيري أو غير المنطوق هو أقوى أنواع التواصل كما يراه العديد من الباحثين. التواصل التعبيري هو أكثر ما يمكنك من قراءة ما يدور بخلد زميلك أو الطرف الآخر على وجه العموم، أكثر من الصوت وحتى الكلمات، وهذا يقودنا إلى القول أن أفضل المتواصلين أولئك الذين يمتلكون إحساساً مرهفاً تجاه العواطف والمشاعر والأفكار.
التواصل التعبيري ما بين تعبيرات الوجه، ولغة الجسد والإيماءات، والإيحاءات، حتى استخدام الفضاء المحيط هي من عناصر التواصل التعبيري، إلا أن هذا النوع من التعبير يختلف من ثقافة إلى أخرى، فالإيماءات ولغة الجسد عند شعب من الشعوب، قد تختلف عنها عند شعب آخر.
روت لي إحدى صديقاتي التي تعمل في قسم التسجيل في إحدى الجامعات الكبرى أحد المواقف الطريفة والمؤسفة بنفس الوقت، فقد جاءها أحد الطلاب الشرقيين وحاول أن يشرح لها مشكلته، كانت صديقتي تكبر ذلك الطالب بعشرين أو ثلاثين عاماً ربما، وعندما بدأ محاولته في شرح مشكلته لها، لم تبد تفاعلاً معه، فأخذ يلوح لها بيديه ويعطيها إشارات تارة بيده اليمنى وتارة باليسرى وتارة بالاثنين معاً، ولكنها لم تكن تريد أن تزعج نفسها وتتجشم عناء التفاعل معه… لم يزده هذا البرود إلا إصراراً على محاولة تضييق المسافة بينهما، فتقدم نحوها وهو مستمر في محاولاته، ولكنها أخذت تتراجع إلى الوراء محجمة عنه، انتهت هذه المحادثة غير المتفاعلة إلى هروب الموظفة ولحاق الموظف بها..، تركض، ويركض وراءها وهو يلوح بيديه بعصبية ظاهرة، ولم يفلح الطالب في إقناعها لفهمه… وبعد وقت اكتشفت تلك الموظفة، بعد أن لجأ الطالب إلى جهة أخرى يشرح لها مشكلته أن الطالب كان يحاول أن يقول لها أنه كان قد دفع الفاتورة التي عادت الجامعة وأرسلتها له للمرة الثانية!
تقول إحدى الدراسات أن % 93 من الفعاليات التواصلية، تتم عن طريق التواصل التعبيري، بينما تفيد دراسة أخرى بأن تقييمات الأداء توضع حسب النسب التالية: % 7 للكلمات المستخدمة، % 38 لجودة الصوت، و% 55 للتواصل التعبيري.
إذا كنت ترغب في تمويه انفعالاتك وردود أفعالك السريعة فانتبه إلى سلوكياتك التعبيرية، ربما يتوجب عليك السيطرة على نبرة صوتك، على كلماتك، وحتى على لغة جسدك، بما فيها تعابير وجهك، وحركاتك التي قد تشي بما يجول في خاطرك من أفكار ومشاعر.
احرص ألا يتمكن الطرف الآخر من قراءة ما في داخلك، فنحن غالباً ما نكون كتاباً مفتوحاً أمام قارئي الأفكار الماهرين.
فيما يلي عدد من النصائح لتطوير قراءة المعلومات التعبيرية (غير المحكية)، مهما يكن وضعك في مكان العمل، ومهما تكن وظيفتك فأنت بحاجة إلى تطوير مهاراتك في تفسير اللغة غير المحكية، في التواصل التعبيري، فهذا يشحذ مقدرتك على التواصل مع الآخرين وعلى مستويات متعددة.. المعاني المشتركة.
سيضيف التفسير الصحيح للتواصل غير المحكي عمقاً لقدرتك على التواصل!
نصائح:
- خذ بعين الاعتبار أنه ليس كل من حولك يتمتعون بمستوى واحد من مهارات التواصل، وأنك لا تستطيع أن تتواصل معهم بنفس الأسلوب، راقب تعابير وجوههم، نظراتهم، إيماءاتهم، حركات أقدامهم وأيديهم، مظهرهم بل وحتى طريقة مشيهم وهم يسيرون نحوك، إن كل إيماءة هي بمثابة رسالة، وكل إشارة هي بمثابة ناقل لمشاعر داخلية، يمكنك أن تحيط بكل ذلك إذا ما حاولت أن تستمع بعينيك.. حاول أن تتفاعل مع التواصل غير اللفظي وسوف تتحسن مقدرتك على قراءة التواصل التعبيري عن طريق الممارسة.
- إذا ما عبرت كلمات شخص ما عن شيء معين، بينما نقلت لك لغته التعبيرية رسالة مخالفة، فأنت غالباً لا تأخذ باللغة التعبيرية، بل تعتمد على الكلمات التي يقولها الطرف الآخر في محاكمتك، ولكن هذا ليس قراراً صائباً بالمطلق، فهو أحياناً صائباً وأحياناً خاطئاً.
- قيم عمل المتقدمين لشغل الوظائف على لغتهم التعبيرية، هناك الكثير من الكتب التي تفيدك في “كيفية جلوس المتقدم للوظيفة”، يمكنك مراقبته بدءاً من جلوسه في الصالة الخارجية، كيف يجلس أمامك؟ كيف يتحرك؟ كل ذلك يلقي ضوءاً على مهاراته، نقاط قوته، نقاط ضعفه، قلقه أو خوفه منك.
- راقب اللغة التعبيرية في أوضاع التحري والبحث والتقصي والتي تحتاج فيها إلى كل معلومة للوصول إلى الحقيقة، وتذكر أن اللغة التعبيرية قد تكشف أكثر بكثير من الكلمات المحكية.
- عندما تكون على رأس اجتماع أو تتحدث إلى مجموعة، تذكر أن الإيحاءات التعبيرية يمكن أن تخبرك:
- عن الوقت الذي بدأ حديثك فيه يصبح مملاً.
- أن هناك شخص آخر يريد أن يتحدث.
- مزاج المجموعة وردود أفعالهم على ملاحظاتك وحديثك.
أصغ إليهم وستكون قائداً ومتحدثاً ممتازاً..