د. محمد رشيد العويد “رحمه الله”
الإنصات مهارة شبه غائبة في الحياة الزوجية، فقليل من الأزواج والزوجات يتقن هذه المهارة، وكثير منهم يجدون الإنصات أمراً ليس سهلا.
وهذا جون غوتمان المتخصص في علم النفس، ومؤلف كتاب (المبادئ السبعة لجعل الزواج ناجحة) يذكر أن 80 % من الأزواج يجدون الإنصات لزوجاتهم أمراً صعبة لا يمكن ممارسته.
ومن خلال استماعي لعشرات الزوجات اللواتي كن يعرضن مشکلاتهن الزوجية، وجدت عندهن حاجة كبيرة إلى من ينصت إليهن وهن يشتكين أزواجهن، وكنت أحس بهن يرتحن كلما طال إنصاتي إليهن، وزادت مواساتي لهن، ثم أدرك من خلال إجاباتهن عن بعض الأسئلة التي أطرحها عليهن، أنهن يفتقدن في أزواجهن إنصاتهم لهن.
ولهذا فإني أنصح الأزواج بعدم إهمالهم إنصاتهم إلى زوجاتهم؛ أياً كان الموضوع الذي تتحدث عنه الزوجة، حتى ولو كان غير مهم في نظر الزوج، لأن الغاية من هذا الإنصات هي إراحة الزوجة وجعلها (تفضفض) ما في نفسها من مشاعر وأحاسيس مختلفة.
ولقد أكدت دراسة صدرت عن أحد أهم المراكز العلمية في العالم (MIT) ومقره في ولاية بوسطن الأميركية، أكدت هذه الدراسة أن اختراق قلوب النساء لا يكون باختيار العبارات الجميلة، بل بإعطائهن آذانا صاغية.
قام باحثو هذه الدراسة المهمة بتحليل 60 محادثة بين الرجال والنساء استغرقت أوقات مختلفة، فيما أعطي فيها كل رجل وامرأة دقائق قليلة ليتعرف كلاهما على الآخر، وأن يقررا ما إذا كانا يرغبان في الالتقاء مرة أخرى، وكانت النتيجة أن النساء انجذبن أكثر نحو الرجال الذين استخدموا كلمات مشجعة لهن على الاستمرار في الحديث من مثل (صحیح) و (حسنا)، و (أنت على حق).
وعليه أوصي الأزواج بالإكثار من كلمات المواساة والتخفيف من المعاناة، والتعاطف، وإظهار الاهتمام، وهم ينصتون إلى أحاديث زوجاتهم؛ وذلك من مثل: (أعانك الله)، (لن يضيع الله لك أجرك)، (الله يصبرك)، (تأكدي أن الله معك…) وغيرها من الكلمات والعبارات التي تشد من أزر الزوجة، وتزيد في ثقتها بنفسها، وتخفف عنها معاناتها.
وأوصيهم كذلك بعدم البخل بالوقت الذي يمضونه في الإنصات إلى زوجاتهم، فهذا وقت ليس مضيعة؛ لأن الفوائد التي يجنيها الزوجان من الحديث والإنصات عظيمة كثيرة.
يبقى أن نقول للزوجة: زوجك أيضاً يحتاج منك أن تنصتي إليه عندما يتحدث، فلا تهملي إبداء الاهتمام بما يقول، ولا يشغلنك أي عمل عن الاستماع إلى أحاديثه. إنه كذلك يرتاح حين يجد من ينصت إليه باهتمام ويتفاعل مع كلامه؛ فلتكوني أنت ذاك الإنسان القريب منه المتعاطف معه.