الحياة الزوجية

اكسر خاطرها .. ولا تكسرها !

 

قد يبدو العنوان متناقضاً، فكيف نجمع بين الأمر بالكسر والنهي عنه؟!

والحق أن النهي عن الكسر دعوة إلى الرفق بالمرأة، وعدم قهرها؛ بأي أسلوب من أساليب القهر كالسخرية، أو تسفيه الرأي، أو الاحتقار، أو التسلط…

أما الأمر بكسر خاطرها فالمقصود به إثارة شفقتها عليك، ورحمتها بك، واستمالتها إليك، ويتحقق ذلك حين يظهر لها ضعفك، أو تعلم بهمّ ملأ صدرك، أو بغمٍّ أحزن قلبك، أو بدَينٍ أثقلك وأقض مضجعك.

لهذا وذاك؛ يحسن بالرجل ألا يتقوى على زوجتـه، ولا يظهر سعيداً مرتاحاً وهي حزينة متعبة.

صحيح أن المرأة تريد زوجها قوياً، لكن ليس عليها، وتتمنى أن يكون رحيماً، لكن بها أكثر من سواها، ويرضيها أن يكون سخياً كريماً، على أن لا يكون كرمه على حسابها وحساب أولادها.

لا شك في أنها معادلة صعبة، لكن فهمها مهم لنجاح الرجل في التعامل مع زوجته وإرضائها.

ولعل الإحاطة بهذه المعادلة يُخرج كثيراً من الرجال من الحيرة التي تتملكهم ويعبرون عنها بقولهم:

إنها لا تفهمنا … ولا نحن نستطيع أن نفهمها.

إن فهم هذه المعادلة يمنح الرجل مزيداً من الحلم على زوجته، ويُجنبه كثيراً من الغضب الذي يشتعل فيه، والغيظ الذي يملأ قلبه.

هذه الإحاطة بطبيعة من طبائع المرأة الأساسية أخبرنا بها النبي قبل أربعة عشر قرناً ( لن تستقيم لك على طريقة ) صحيح مسلم، جاء في شرح الحديث: لا تطمعن في أن تقيم اعوجاجها، فما هي إلا ضلع مردد؛ أي معوج غير مستقيم، بل استقامته متعذرة؛ لأن الإعوجاج فيه أصلي طبيعي خُلق من أول وهلة كذلك، وما كان كذلك فكيف يزول؟!!

لهذا كانت وصيته بمداراتها ( إن المرأة خلقت من ضلع  فإن أقمتها كسرتها؛ فدارها تعش بها ) رواه ابن حبان في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.

إذاً؛ لتعيش بها، ومعها، فلا تحبطك، ليس لك إلا أن تداريها؛ فتليـن لها حيناً، وتحزم حيناً، وتنصح حيناً، وتتغافل حيناً، حتى تلقى الله سبحانه، فإنما الحياة مهما طالت قصيرة.

وكذلك يحسن بالرجل أن ينصرف عن حرصه على أن يجد في المرأة كل ما يريده ويتمناه، بل إن عليه أن يكتفي بما تحققه له زوجته من إحصان، وما تقوم به من توفير شيء من السكن له، قال ( إن المرأة خُلقت من ضلع، فإن ذهبت تقوِّمها كسرتها، وإن تدعها ففيها أودٌ وبُلغة ) صحيح الجامع ( 1942 ) أحمد والنسائي والبخاري في الأدب المفرد.

ففي قولـه: ( أود وبُلغة ) توجيـه للرضا مـن المرأة بالقليـل، جاء في قاموس اللغة ( البُلْغة: ما يكفي لسد الحاجة ولا يزيد عنها ) وعليه فإنه يكفيك من زوجتك القليل.

د.محمد رشيد العويد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى