سوزان وارد
إن إدارة الأعمال من المنزل يمكن أن تمنحك الأفضل من كلا العالمين (عالم الأسرة وعالم الأعمال)، فأنت تستمتع بما يحقق لك الشعور بالرضا لكونك مدير نفسك وأن تكون الشخص الذي يصنع قراراته بنفسه، حالك حال أصحاب الأعمال الصغيرة.
من فوائد إدارة الأعمال في المنزل: ساعات عمل مرنة، الاستراحة من الاستيقاظ المبكر والتوجه إلى العمل يوميا وبشكل روتيني، وتحاشي الضرائب… نظريا بإمكانك أن تدير عملاً ناجحاً من منزلك، ولديك المرونة، والحرية المطلقة لإدارة أمور عائلتك، وقضاء وقت أطول مع أطفالك، بل حتى تفصيل جدول أعمالك حسب حاجات العائلة، لا عجب إذاً أن ينجذب الكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة إلى الانطلاق من المنزل كقاعدة أساسية.
ولكن هل يناسبك فعلا مبدأ إدارة العمل من المنزل؟
فمن الجانب القانوني، وكما هو حال جميع الأعمال الشخصية، عليك أن تسجل عملك قانونياً، أنت بحاجة إلى انتقاء نوع من العمل (شركة، شراكة حصرية…)، وتسجل اسم العمل، ومن المحتمل أن تحتاج إلى الحصول على ترخيص عمل، معتمدا على نوع العمل الذي تديره.
عليك إدارة عملك حسب قوانين المنطقة التي تعمل بها، مما يعني أنك تحتاج إلى تسجيل موظفيك في التأمينات الاجتماعية.
يتوجب عليك إذاً أن تقوم بجميع هذه الأمور بغض النظر عن موقع عملك، فهي أمور روتينية، لذلك دعنا ننظر إلى العوامل التي تخص الأعمال المدارة من المنزل والتي يتوجب عليك أن تأخذها بعين الاعتبار قبل أن تحول غرفة من منزلك إلى مكتب وتبدأ ببيع منتجاتك أو خدماتك.
أحد الاعتبارات الهامة التي عليك الأخذ بها قبل البدء ستكون: منزلك، وجيرانك، وما مدى ملاءمتهما للفكرة؟
-
موقع منزلك الذي ستدير منه أعمالك:
لا بد أنك تعرف مدى أهمية الموقع وقيمته التي تتفاوت بين تجاري وسكني.
الجوار:
هل تناسب المنطقة التي تسكن بها نوعية العمل الذي ستمارسه، أم أنك ستدير غضب جيرانك وتذمرهم؟ إن كان الأمر كذلك، فأنت تضع نفسك قي وضع لا تحسد عليه، عليك أن تتوقع مجموعة من المشكلات التي ستواجهك في مسيرتك العملية، أقلها أن يشتكي جيرانك إلى السلطات المسؤولة. الكثير من البلديات لا تسمح بإدارة الأعمال من المنزل، والبعض الآخر لا يعرف بشيء اسمه العمل من المنزل، بل يعتبر اكتشافه لأي عمل يدار من أي مكان أنه عمل تجاري خاضع لجميع القوانين والأنظمة التي تحكم العمل التجاري كما لو أنه شركة تماما ليس إلا..!!
فالكثير من الجيران لا يروق لهم رؤية الزبائن تردد على البناء الذي يقطنون فيه، بل لا يروق لهم حتى رؤية الموظفين خاصة إدا شعروا أن ذلك يؤثر على راحتهم وحياتهم العائلية، الجيران المستاؤون يعتبرونه مؤشر خطر على الأعمال من أي نوع كانت.
موقع منزلك بالنسبة للزبون
ما مدى ملاءمة موقع منزلك لحيازة رضا الزبون؟
الأماكن المزدحمة والأزقة الضيقة لا تروق للزبون، عليك أن تعتني بمظهر منزلك من الداخل والخارج، فكل ذلك له أثر مباشر على زبونك فلا تستخف بالمظهر العام، فاللمسات الناعمة الأنيقة والنظافة لا تكلفك شيئاَ أمام ما تتكلفه فعلاً من صدود الزبائن عنك وتفضيلهم اللجوء إلى مزود آخر لخدماتهم. الزبائن يحترمونك بقدر ما يشعرون أنك تحترم عملك، فالأناقة والنظافة والترتيب عنوان لإنسان منسجم
مع عمله محب له.
العجب من أناس يديرون أعمالهم من المطبخ! إدا لم يكن منزلك يسمح لك إلا بالمطبخ أو بزاوية القبو، فلا تخطط لعمل يتطلب أن يزورك فيه زبائن، لأن هذا ليس ممكنا بحال من الأحوال، فأنت لا تدير عملا حقيقها بالتأكيد، وضع كهذا يمكن أن يكون مركزاً لعمل افتراضي.
الزبائن أو المراجعين أو حتى الموردين يتوقعون على الأقل أن يجدوا مكاناً يجلسون فيه لتوقيع الأوراق المشركة بينكم، أي عمل يدار من المنزل يحتاج على الأقل إلى غرفة مستقلة تماماً تستخدم كمكتب بكل مقوماته، أما إدا كان عملك يقتضي تقديم استشارات للزبائن، أو أنه عمل يحتل الرسم والتصميم جزء كبيراً منه، فمن المفرض أن يكون لديك غرفة أخرى إضافة إلى غرفة المكتب.
2 ـ عملك ضمن إطار الأسرة
إن الفرق الوحيد بين العمل من المنزل والعمل خارج المنزل هو بقاؤك مع عائلتك فحسب، لذلك عليك أن تدرس مدى ملاءمة أسلوب عملك وطبيعته مع أسلوب حياة عائلتك وطبيعتها، لأن هذا عامل أساسي أيضاً في نجاح أو فشل هذا المشروع.
قد يكون عملك من المنزل مناسب جداً بل ممتاز إدا كانت أسرتك مستعدة لدعم خططك في إدارة عملك من المنزل، وإذا كن أنت بدورك مستعداً لمعالجه المشكلات التي قد يفرضها هذا الجو المشترك.
قبل أن تبدأ بتطبيق الفكرة فكر ب:
-
أسرتك
أنت لا تعيش في المنزل لوحدك ولست الطرف الوحيد في هذه العملية، سيكون جميع أعضاء أسرتك معنيون بهذا الموضوع بسلبياته وإيجابياته، عليك أن تضع سلبيات وإيجابيات الإدارة من المنزل في مقابل سلبيات وإيجابيات الإدارة من خارج النزل، طبعا بالنسبة لأسرتك هناك الكثيرون ممن ينفذون فكرة إدارة العمل من النزل طمعاً في قضاء وقت أكبر مع عائلاتهم، إلا أن ما يحدث العكس تماماً، حيث تتداخل فعاليات العمل مع الواجبات العائلية وبالتالي ينشأ جو من التوتر المستمر سواء على الصعيد الشخصي أو العائلي، وهنا يتمنى أحدنا لو أنه لم يتخذ هذا القرار.
عليك إذاً أن تقرر: هل يمكنك إيجاد التوازن المطلوب بين الحياة العائلية والحياة العملية في جو كهذا؟ إلى أي مدى يمكنك أن تكون واقعياً قي وضع حاجز حقيقي بين الاثنين؟ إذا كانت أسرتك تدعمك الآن، فإلى أي مدى ستصبر، أو ستستمر في دعمك؟
-
أسلوبك في العمل
عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أن العمل من المنزل يعني زيادة شعورك بالعزلة، وافتقادك لعلاقات العمل مع الزملاء، كثير منا لا يمكنهم الانسجام مع هذا الأسلوب في العمل، خاصة أولئك الذين اعتادوا على العمل ضمن بيئات عمل مزدحمة.
العمل من المنزل يعني أنك ستواجه ضغوط العائلة، بسبب صعوبة الفصل بين حياة العمل وحياة العائلة.
يستدعي العمل من المنزل وجود ضبط شخصي، أنت ستكون مدير نفسك، لا يوجد من يقول لك افعل ولا تفعل، فهل أنت قادر على وضع الخطط وتنفيذها والتركيز على العمل بالطريقة المناسبة لتحقيق الأهداف المرسومة أو التي وضعتها لعملك وفي الوقت المحدد؟
العمل من المنزل ليس قراراً سهلاً، كما أنه ليس صعباً، ولكنه لكي يكون منطقياً وواقعياً يجب أن يكون مدروساً، لا يمكنك أن تتخذه مساء وتطبقه صباح اليوم التالي!
مجلة عالم الإبداع
العدد 33